قام أحمد حازم عثمان عبدالرحيم بتحديث النشر منذ 4 days, 8 hours
الدنيا: إما مَطِيّةٌ طيِّعة.. أو وحشٌ كاسر
إن المتأمل في طبيعة الحياة يجدها كياناً لا يعرف الحياد؛ فهي لا تتركك وشأنك، بل تحاول دائماً فرض إيقاعها عليك. ومن هنا تنقسم علاقة الإنسان بالدنيا إلى مسارين لا ثالث لهما: إما أن تكون سيداً يقظاً، أو تابعاً مستلباً.
فخ التملك والاستلاب
حين يغفل الإنسان، تبدأ الدنيا في بسط نفوذها عليه. هي تشبه “الحيوان” الذي يتربص بصاحبه؛ فإذا وجد منه وهناً أو انبهاراً مفرطاً، انقضّ على إرادته. في هذه الحالة، لا يعود الإنسان هو من يملك المال أو الجاه، بل تصبح هي التي تملكه، تسيره بهواها، وتستنزف طاقته في الركض خلف سرابها. والمفارقة الصادمة هنا هي أن الدنيا بمجرد أن تُحكم قبضتها على المرء وتملكه تماماً، تقضي عليه؛ فتتركه خالي الوفاض عند أول منعطف حقيقي، ليكون قد خسر نفسه وخسر وجهته.
يقظة الفطن: الدنيا وسيلة لا غاية
على الطرف الآخر، نجد الصنف “الفطن” الذي أشرت إليه. هذا الإنسان يدرك أن الدنيا خادمة جيدة لكنها سيدة مستبدة. لذا، هو لا يزهد فيها بالانعزال، بل يزهد فيها بالسيطرة. يمتلكها بيده ليوجهها نحو أهدافه، ويجعل منها “جسر عبور” آمناً.
اليقظة هنا تعني الحذر الدائم من أن تتحول الوسيلة إلى غاية. فالفوز الحقيقي ليس في جمع حطامها، بل في ترويضها لتكون “مطية” توصله إلى بر الأمان في الآخرة. إنها معركة وعي في المقام الأول، حيث يكون القلب معلقاً بالضفة الأخرى، بينما اليد تعمل بجد في إعمار هذه الضفة.
الخاتمة
إن الدنيا “حيوان” يحترم القوي الحذر، ويفترس الغافل المستسلم. فمن جعلها تحت قدميه رفعتْه إلى عنان النجاح في الدارين، ومن جعلها فوق رأسه، أثقلت كاهله حتى هوى بها. فكن أنت صاحب اليد العليا على دنياك، لتفوز بآخرتك.
بقلمي
أحمد حازم عثمان